«جوجل.. فيس بوك.. تويتر» ثلاثة أسماء لعمالقة التواصل الاجتماعى فى العالم، بمجرد أن رأيت تلك الأسماء على جدول الزيارة التى قمت بها إلى الولايات المتحدة، شعرت بالرهبة والتشوق لزيارة مقرات تلك المواقع التى تلازم جدول يومياتى، وتعد بمثابة الصديق المقرب لى، فلا يمر يوم دون الدخول عليهم، للتسلية أو لاحتياجات العمل والتواصل مع الأصدقاء على حد سواء.
قام مكتب الصحافة الأجنبية فى وزارة الخارجية الأمريكية بتنظيم زيارة لعدد من الصحفيين حول العالم من مختلف وسائل الإعلام كانت «اليوم السابع» من ضمنها، لإعطائهم الفرصة للتعرف عن قرب على آلية العمل فى تلك المواقع وزيارة مقرات جوجل وفيس بوك وتويتر، ولقاء المسئولين بها لطرح الأسئلة التى تشغل بال القراء والمستخدمين حول تلك المواقع.
البداية كانت من موقع جوجل، فأمام مقر عملاق تحوطه أسوار وقفت، وكأننى أمام مدينة أخرى داخل كاليفورنيا لها قوانينها الخاصة وسكانها الذين يتمتعون برفاهيات تجعل الحصول على الجنسية «الجوجلية» امتيازا يسعى الجميع للحصول عليه.
تضم شركة جوجل 22 ألف موظف يعمل 12 ألفا منهم بمقر الشركة الرئيسى بكاليفورنيا.
قد تسمع الكثيرين يتحدثون عن الامتيازات التى يحصل عليها فرد ما فى العمل، والتى قد تتنوع ما بين رعاية صحية، أو مصايف عائلية! ولكن فى جوجل امتيازات العمل تأخذ معنى آخر، فالعاملون هناك يتمتعون بمزايا «حياتية»، قد لا تتاح للكثيرين فى الحياة اليومية. فجوجل توفر للعاملين بها الطعام المجانى الذى يقدم بأفضل جودة، ومن مختلف المطابخ العالمية لإرضاء جميع الأذواق، واهتماما منها بصحة العاملين، هناك ثلاثة أقسام للأطعمة تقسم وفقا للألوان أحمر وأصفر وأخضر وفقا لمدى كون هذا الطعام صحيا، وداخل مقر الشركة تسمى الأدوار والمكاتب وفقا لأسماء القارات وتحمل منطقة العمل اسم (خريطة العالم) حيث تجد منطقة باسم القارة الأفريقية وتجد مناطق أخرى تحمل أسماء أفلام وشواطئ شهيرة.
«نرى أننا إذا أعطينا الثقة للعاملين سيستفيدون منها»، هكذا قال مرشدنا خلال الجولة وهو أحد العاملين بالموقع، متحدثا عن نظام الإجازات الذى تطبقه الشركة، فالعاملون يتاح لهم أخذ الإجازات دون تحديد أيام معينة، وكما يتاح لهم الاستئذان قبل الساعات المحددة للعمل، فى حالة انتهائهم من عملهم.
الامتيازات فى جوجل لا تتوقف هنا، فغرف المساج الموجودة بالمقر الرئيسى متاحة للعاملين للاسترخاء حتى يستطيعوا العمل فى أجواء صحية، بخلاف حمامات السباحة وملاعب الكرة الطائرة وألعاب الفيديو جيم والبيبى فوت.
اهتمام الشركة بأجواء العمل كان السبب الرئيسى وراء ابتكارات موظفيها، فوفقا لما قاله مرشدنا خلال الجولة «قد يظن البعض أننا ندلل الموظفين ولكن ما يحصل عليه الموظفون هنا ساعدهم كثيرا على الابتكار»، فلقاؤهم حول حمام السباحة قد ينتج عنه مشروع جديد، والحديث الذى يتبادلونه فى الكافيتريات المنتشرة بكل مكان بالمقر قد يكون نواة فكرة فريدة من نوعها، حتى إن الأتوبيس الخاص بنقل الموظفين ليس عاديا فهو يوفر خدمة الإنترنت داخله فى حالة اضطر الموظفون للتأخر بسبب ازدحام الطريق حيث يمكنهم بدء العمل فى أى وقت، دون إضاعة أى وقت.
يوم الجمعة داخل جوجل له مكان خاص بهم، فهو مخصص للحديث عن الابتكارات والاقتراحات الجديدة، حيث يلتقى الموظفون ورؤساؤهم فى «ساعة للمتعة» والتى يقضون وقتا ترفيهيا معا للتواصل مع فريق العمل وبناء علاقات أفضل، بالإضافة إلى كونها فرصة للقاء الرؤساء فى العمل لمناقشة مشاريع جديدة بل وحتى الشكاوى الخاصة بالموظفين، ليس هذا فقط ولكن نظام العمل بجوجل يتيح 20% من ساعات العمل كى يعمل الموظف على مشروع من ابتكاره.
كريشنا بهارات، المدير التنفيذى لجوجل نيوز (أخبار جوجل) قال إن تلك الخدمة تم إنشاؤها منذ 8 سنوات، بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، موضحا أن جوجل لا تسعى من خلالها لامتلاك المحتوى الإخبارى ولكنها تسعى إلى تنظيمه لمساعدة القراء على إيجاده بسهولة، مؤكدا أن الخدمة تقدم الأخبار من عدة زوايا، مشيرا إلى أن فريق العمل بجوجل نيوز لا يضم صحفيين، ولكن هناك بعض الصحفيين الأجانب الذين تستعين بهم جوجل فى بعض الأحيان كمستشارين وإنما ليسوا ضمن فريق العمل.
بعد انتهاء جولتنا فى مقر جوجل كان موعدنا فى اليوم التالى بجولة فى مقر فيس بوك الذى جاء من وحى تجربته فكرة استغلال المميزات التى يتيحها، لتقديم خدمات أكثر للمستخدمين يقدمها المستخدمون بأنفسهم، فترجمة الفيس بوك إلى العديد من اللغات جاء عن طريق المستخدمين الذين طلبت منهم إدارة الموقع التقدم باقتراحاتهم لترجمة الخدمات الموجودة بصفحة فيس بوك، إلى لغاتهم، لكى تقدم إليهم فى صورة تناسبهم وتشعرهم بمحليتها، ثم يتم تنقيح تلك الاقتراحات أيضا من قبل القراء أنفسهم ليخرج فى النهاية نسخة من الـفيس بوك بالعربية أو الإيطالية أو الإسبانية.
أحد أبرز المشاكل التى واجهت نسخة فيس بوك العربية كانت طبيعة الكتابة التى تبدأ من اليمين لليسار، مما استدعى نقل وتعديل محتويات الصفحة بالكامل للتوافق مع الكتابة، ما جعلها تستغرق وقتا أطول حتى تخرج فى هيئتها النهائية.
على عكس مقرات المواقع التفاعلية الأخرى التى قدمت جولة للوفد الإعلامى للتعرف على أماكن العمل بها، لم نر الكثير عن فيس بوك، حيث تلقى أفراد الوفد الكثير من التعليمات التى تتعلق بعدم التصوير وعدم التسجيل، إلا لمن يتم السماح لهم بالتحدث معنا، وحصر اللقاء داخل غرفة مغلقة للاجتماعات، حيث التقى الوفد بارى شنيت، مدير الاتصالات والسياسة العامة، الذى قال إن الموقع سجل 400 مليون مستخدم فى عام 2010، وقال إن العاملين بـ(فيس بوك) يشعرون بالمسئولية تجاه ما يقدمونه ولديهم إيمان قوى به، وأشار شنيت إلى أن الفلسفة الرئيسية الخاصة بالموقع تقوم على منح الأفراد القوة لمشاركة المعلومات وجعل العالم أكثر انفتاحا وتواصلا.
وتحدث شنيت عن بعض الأرقام الخاصة باستخدام الموقع، مشيرا إلى أنه يتم تحميل ما يقرب من مليار صورة على الموقع كل شهر، وأنه يتم تحديث حوالى 30 مليون حالة مستخدم (status line) على الفيس بوك يوميا.
وحول ما أثير منذ فترة حول وجود صفقة بين مكتب المخابرات الأمريكى وموقع فيس بوك لتزويدها بمعلومات تخص بيانات المستخدمين، نفى شنيت أن يكون هناك أى نوع من تلك الصفقات، كما نفى أن تكون هناك نية لتقديم خدمات فيس بوك بمقابل مادى.
مسئولو موقع فيس بوك قالوا إن هناك حوارات تجرى فى بعض الأوقات مع حكومات دول لمناقشة ما يتعلق بحرية استخدامه، حيث أضافوا أنهم يعلمون أن حرية استخدام الإنترنت لا تمارس بشكل كبير فى دول العالم.
من فيس بوك إلى تويتر حيث هدفنا الثالث الذى يجعل الإنسان يتخيل أنه سيزور مقر أحد الشركات الهائلة الحجم، ذات مئات الموظفين ومبنى يضم عشرات المكاتب وديكورات هائلة، ولكنك تصاب بالدهشة حين تدخل إلى مقر تويتر بسان فرانسيسكو حيث يحتلون أحد الأدوار بمبنى كبير بسان فرانسيسكو، مكتب صغير يضم 140 موظفا مسئولين عن واحد من أكثر المواقع التفاعلية شهرة فى العالم، موقع ساهم فى التواصل مع ضحايا زلزال هايتى المدمر، وكان صوت المعارضة الإيرانية خلال مصادماتها مع الحكومة خلال الانتخابات الرئاسية الماضية.
التقت المجموعة الإعلامية بيز ستون، الشريك المؤسس لموقع تويتر، ومعه شين جاريت وألكسندر ماكجيليفارى بفريق عمل تويتر. ستون تحدث عن تويتر قائلا إنه يعتبر «انتصارا للبشرية وليس للتكنولوجيا»، وأعطى مثالا على قوة تأثير الموقع رغم قلة عدد الكلمات التى يتاح للفرد كتابتها، وقال إنه كان هناك طالب أمريكى يعمل مصورا صحفيا أراد الذهاب لمصر لالتقاط صور للمظاهرات التى تحدث، وفى بداية الأمر لم يكن يعرف بأوقات حدوث المظاهرات كى يصل فى الموعد المناسب لالتقاط الصور، فتعرف على عدد من المتظاهرين الذين أخبروه أنهم يتفقون على موعد المظاهرة عبر تويتر، مما مكنه من متابعتهم ومن ثم استطاع اللحاق بموعد المظاهرة التالية، والتقط العديد من الصور، ولكنه تعرض للاحتجاز من قبل الشرطة أثناء المظاهرة فقام بإرسال رسالة عبر تويتر من كلمة واحدة «محتجز»، وعندما رآها أصدقاؤه بالجامعة فى الولايات المتحدة قاموا بمخاطبة عميد الكلية الذى قام بدوره بمخاطبة محام وقام الأخير بمخاطبة القنصلية الأمريكية بمصر، وبعدها بعدة ساعات أرسل الطالب رسالة أخرى على تويتر قال فيها إنه «حر».
قال فريق العمل إنه رغم ما قد يثار حول مدى التأكد من صحة ما يرد من رسائل على الموقع والتى يكتبها المستخدمون ولكنه على الأقل يقدم صورة عامة عن الوضع بمكان ما، فعلى سبيل المثال وقت حدوث زلزال الأسبوع الماضى بلوس أنجلوس كان المستخدمون يكتبون رسائل عنه وقت حدوثه، وجاء أول رد فعل عن الزلزال من وسيلة إخبارية بعد 9 دقائق من بث تلك الرسائل على تويتر.
وعند سؤالهم إذا ما كانوا قوبلوا بالرفض من أى الحكومات حول العالم، قالوا إنهم لم يواجهوا مشاكل بخصوص هذا الأمر.