يظل دوره «عتريس» الطاغية فى فيلم «شىء من الخوف» علامة فارقة فى السينما المصرية، وفى مسيرته أيضا حين خرج أهالى القرية ثائرين على استبداده وقهره وانفض رجاله من حوله، هذا هو الفنان القدير محمود مرسى «الأستاذ»، وهو مولود فى الإسكندرية فى السابع من يونيو عام ١٩٢٣، وألحقه والده بالمدرسة الثانوية الداخلية الإيطالية بالإسكندرية، وبعد حصوله على الثانوية التحق بكلية الآداب جامعة الإسكندرية قسم الفلسفة، سافر إلى باريس ليتعلم فن الإخراج السينمائى على نفقته الخاصة، واستغرقته الحياة الباريسية، واضطر هناك للعمل بعدما نفد ما لديه من المال، واستقر به المقام مذيعًا فى القسم العربى بالإذاعة الفرنسية، إلى أن أمم عبدالناصر قناة السويس فترك باريس، إلى لندن، وهناك التحق بالقسم العربى بهيئة الإذاعة البريطانية لكنه غادر لندن إلى القاهرة،
فيما يشبه الاحتجاج الشخصى على العدوان الثلاثى على مصر، وعاد ليعمل مخرجاً ومذيعاً فى البرنامج الثقافى بالإذاعة، ومع بداية الإرسال التليفزيونى فى مصر سافر لإيطاليا لدراسة الإخراج التليفزيونى، وفى ١٩٦٢ ظهر فى فيلم «الهارب» لنيازى مصطفى، وفى العام التالى قدم فيلمى الباب المفتوح والليلة الأخيرة، وتوالت أعماله التى ترك فيها علامات سينمائية مهمة منها «السمان والخريف» و«الشحاذ» و«ثرثرة فوق النيل» و«زوجتى والكلب» و«الليلة الأخيرة» و«فجر الإسلام» و«ثمن الحرية» و«أغنية على الممر»، وأخرج للتليفزيون عدداً من المسلسلات منها «القط والحب الكبير»، ومن الأعمال الدرامية التى لعب بطولتها «عصفور النار» و«أبو العلا البشرى والعائلة» «وبين القصرين» و«قصر الشوق»، وأخيراً مسلسل «وهج الصيف» الذى رحل قبل أن يتمه، حظى الأستاذ بالكثير من مظاهر التقدير ومنها جائزة الدولة التقديرية فى ٢٠٠٠،
كما حصل على جوائز التمثيل الأولى عن دوره فى فيلم «الليلة الأخيرة» وعن دور عتريس فى «شىء من الخوف»، كما تم تكريمه فى مهرجان الفيلم الروائى عام ١٩٩٨، وفى مهرجان القاهرة السينمائى ومهرجان الإذاعة والتليفزيون، وحصل على جوائز التكريم والتفوق عن أعمال منها، «أغنية على الممر»، «السمان والخريف»، و«الشحاذ»، كما كرمته وزارة الثقافة عن جهوده كأستاذ لمادة الإخراج بالمعهد العالى للفنون المسرحية، ومثلما عاش وأبدع زاهداً فى أى احتفاء إعلامى رحل أيضا فى هدوء شديد فى مثل هذا اليوم الرابع والعشرين من أبريل عام ٢٠٠٤.