بسم الله الرحمن الرحيم
الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية
الوسيلة الأولى: خدمة الناس وقضاء حوائجهم
الوسيلة الثانية: الحلم وكظم الغيظ
الوسيلة الثالثة: السماحة في المعاملة
الوسيلة الرابعة : المداراة
الوسيلة الخامسة :إدخال السرور على الآخرين
الوسيلة السادسة:احترام المسلمين وتقديرهم والتأدب معهم وتبجيلهم وإجلالهم
الوسيلة السابعة : حسن الكلام
الوسيلة الثامنة : التواضع ولين الجانب
الوسيلة التاسعة : الجود والكرم
الوسيلة العاشرة : الرفق
الوسيلة الاولى ، وهى : : خدمة الناس وقضاء حوائجهم
يقول الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ** * فطالما استعبد الإنسان إحسان
ففعلا الناس جبلت على حب من أحسن إليها، والميل إلى من يسعى في قضاء حوائجهم ، وأولى الناس لكسب محبتهم هم الأهل والأقارب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم– : (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى )
ومن أصناف الناس الذين نحتاج لكسب محبتهم ولهم الأفضلية على غيرهم الجيران لقوله صلى الله عليه وسلم
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)
فينبغي أن نتحبب إلى الجار فنبدأه بالسلام ونعوده في مرضه، ونعزيه في المأتم ، ونهنئه في الفرح ونصفح عن زلته، ولا نتطلع إلى عورته، ونستر ما انكشف منها، ونهتم ببره وزيارته، وصنع المعروف معه، وعدم إيذائه لنتخلق بخلق خير البرية.
ولذلك وصفت خديجة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالت: " إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق" صلوات الله وسلامه عليك يا رسول الله
اخى // بدرى على حسن،، اشكرك مرة اخرى على امل اللقاء فى مشاركة اخرى
عن الوسيله الثانيه وهى الحلم وكظم الغيظ
الحلم هو طمانينة النفس , بحيث لا يحركها الغيظ بسهوله ولا يزعجها المكروه بسرعه , فهو الضد الحقيقي للغضب .
واما (كظم الغيظ ) - : أي تكلف الحلم , الا انه اذا واظب عليه حتى صار معتادا تحدث بعد ذالك صفة الحلم الطبيعي , بحيث لا يهيج الغيظ حتى يحتاج الى كظمه . فمن لم يكن حليما بالطبع لابد له من السعي في كظم الغيظ عند هيجانه , حتى تحصل له صفة الحلم وقد مدح الله سبحانه وتعالى كاظمي الغيظ في محكم كتابه ..
قال الله عزوجل ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) سورة ال عمران الايه : 134
فالانسان في حالة الغضب يقدم على مالا ينبغي عمله .
وهو من جانب الافراط اذا اشتد يوجب حركه عنيفه يمتلي لاجلها الدماغ والاعصاب من الدخان المظلم فيستر على نور العقل ويضعف فعله .. ولذا لا يؤثر في صاحبه الوعظ والنصيحه بل تزيده الموعظه غلظه وشده ..
وقدسجلت لنا كتب الحديث الكثير مما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الباب ومن ذلك:
1- قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء".
2- وقوله للرجل الذي قال له: أوصني، فقال: "لا تغضب"، فردد عليه مراراً، قال: "لا تغضب".
3- وفى حديث آخر أن ابن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ماذا يبعدني من غضب الله عز وجل؟ قال: "لا تغضب".
4- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".
ومن المعلوم أن الناس من الغضب على ثلاث أحوال: إفراط، أو تفريط، أو اعتدال، ولا خير في الإفراط أو التفريط، أما الاعتدال فهو الوسط المطلوب.
وقسم بعض العلماء الناس من حيث الغضب إلى أربعة أنواع :
1- بطيء الغضب بطيء الفيء (الرجوع).
2- بطيء الغضب سريع الفيء.
3- سريع الغضب بطيء الفيء.
4- سريع الغضب سريع الفيء.
ألا إن أفضلهم (بطيء الغضب سريع الفيء)، وإن أقلهم فضلا (سريع الغضب بطيء الفيء).
وقد روى البخاري ومسلم رضي الله عنهما قالا: استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأحدُهما يسبُّ صاحبَه مُغضباً قد احمَرَّ وجهُه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلمُ كلمةً، لو قالها لذهبَ عنه ما يجد، لو قال: أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم".
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لأشج بن قيس: "إن فيك خلقين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة". كما روي أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما كظم عبدٌ لله إلا مُلِئَ جوفُه إيماناً".
السماحة في المعاملة
السماحة - هي السهولة واللين والعفو والإغضاء، والبذل والعطاء - فلها أثر عظيم تنشأ به محبة القلوب، ومودة النفوس، وتثبت به لحمة الأخوة، ويكون به صف المسلمين مترابطاً قوياً، واليوم وقد غلبت على الناس كثير من أمور الحياة المادية فتجهمت وجوههم، وتقطبت جباههم، وغلظت معاملاتهم، وساءت كلماتهم وأقوالهم صارت بين النفوس نفرة، وفي القلوب جفوة، وفي الصفوف ليس فجوة بل فجوات كثيرة، فما أحرانا أن نعود إلى أصل ديننا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم: "عندما سئل عن أحب الدين فقال: (الحنيفية السمحة)" (1) وعن خلقه صلى الله عليه وسلم وهو يحب اليسر إذا ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وإلى أصل ديننا فيما أراده الله عز وجل لنا من اليسر والعفو.
وتأمل أخي الحبيب سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في صورة عجيبة فريدة تبين لنا سمو سماحته عليه الصلاة والسلام، هذا جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يقول: (ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي، وشكوت إليه أني لا أثبت على الفرس، فضرب على صدري وقال: اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً) (2)
ما الذي جعل جريراً يروي هذا الحديث، لقد تغلغلت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أقوال نفسه وأعماق قلبه، لقد ملكت عليه أقطار نفسه، لقد جعلته منجذبا إلى هذا المثل الأعلى والقدوة الأسمى (ما حجبني صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت) في أي وقت يرحب به، في أي لحظة يستقبله، رغم أنه القائد الأعلى والحاكم لأمة الإسلام ورغم مشاغله الكثيرة، كانت سماحة نفسه تفيض فتستوعب كل الناس حتى غير المسلمين، (وما رآني إلى تبسم في وجي) هل نتبسم على الأقل في وجوه زملاء العمل، ورفقاء الدراسة الذين نراهم كل يوم؟ أم هل نتبسم في وجوه أزواجنا وأبنائنا ونحن نخالطهم في يومنا وليلتنا؟ أم أنه قد تجهمت الوجوه فلا تكاد ترى ابتسامة ولا كلمة طيبة، وبالمناسبة فإن بعض الناس يقول: كيف تريدنا أن نبتسم أو نتبادل الكلام الطيب والأمور صعبة والحياة قاسية، والمعاناة والمشكلات كثيرة، فأقول إن سماحة نفسك وابتسامة ثغرك، والكلمة الطيبة من فمك هي علاج لك يعينك على مواجهة الصعاب، فأي شيء ينفعك إذا زدت فوق الصعوبة الحياتية هما في قلبك و غما في نفسك وكدراً في خاطرك، وظلمة في وجهك وفضاضة في فعلك وفحشا في قولك، إنك لا تزيد الأمر إلى سوءاً ولا تزيد نفسك إلا مزيداً من العناء والمشقة، ولكنك إن تبسمت وتكلمت بكلام طيب سر ذلك عن نفسك، وكان علاجاً لهمك وغمك بإذن الله عز وجل.
واعلموا أن السماحة أمرها عظيم في أجرها وثوابها، وفي أثرها ونفعها، وذلك ما يبينه لنا كما قلت كثير من المواقف النبوية، لعلي أشير فيها إلى موقف مشهور نحتاج إلى التذكير به، في "قصة الشاب الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا، وهو أمر بغيظ فاحش، فنهره الصحابة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مه مه ادن مني) فدنا منه الشاب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أترضاه لأمك، قال: لا، فداءك أبي وأمي يا رسول الله، قال: والناس لا يرضونه لأمهاتهم، ثم قال: لأختك.. ثم قال: لابنتك.. ثم قال: لخالتك.. ثم وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على صدره ودعا له فقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه) (3) فكان من أثر ذلك أن قال هذا الغلام كما في رواية أخرى: (ما صار شيء أبغض إلى نفسي من الزنا) والحديث رواه الإمام أحمد من رواية أبي أمامة .
وهكذا ينبغي لنا أن نحسن ذلك وأن يكون موضوع الغلظة والشدة بحسبه وبحاله، وبما يؤدي إليه من أثر ونفع، كم نحن في حاجة إلى أن نشيع هذه السماحة، ابتسامة مشرقة، وكلمة طيبة، وعطاء عظيماً وعفوا وإغضاء، وتألفاً للقلوب، وترفقاً للنفوس، عل الله عز وجل أن يعيد إلينا صفاء قلوبنا ومودة نفوسنا، وصلة ما بيننا وأن يذهب عنا تجهم الحياة وهمها وغمها، بما نحسن فيما بيننا من سماحة ويسر ولين وقرب، إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
الهوامش :
(1) رواه الإمام أحمد في مسنده رقم الحديث: [2003]. ونصه: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ.
(2) رواه البخاري. رقم الحديث: [2809] .
(3) رواه الإمام أحمد في مسنده. رقم الحديث: [21185]، ونصه: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا مَهْ مَهْ فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ فَجَلَسَ قَالَ أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ .