بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه من والاه
حُكم الدين في تشغيل القرآن مع عدم التركيز معه في المواصلات أو أثناء المذاكرة أو في مكان العمل؟
هناك فرق بين سماع القرآن والاستماع للقرآن؛ والفرق بينهما هو هذا المسئول عنه من التركيز، عندما يقرأ القارئ أو نشغّل القرآن من الإذاعة أو من الكاسيت أو من الـCD، ونشتغل في حياتنا الدنيا فنحن هكذا نسمع القرآن، لكن إذا أردنا أن نتدبّر معانيه وأن نستفيد منها وأن نتابع القارئ فيما يقرأ، فعلينا أن ننتقل من مرحلة السماع إلى مرحلة الاستماع قال تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وليس فاسمعوا.
إذا قُرِئ القرآن وكنت مشغولاً فهذا جائز، وليس عليّ أن أدخل في دائرة الاستماع إلا إذا كنت أريد التدبّر والإنصات، أما إذا كنت سامعاً لا مستمعاً فلا حرج عليّ.
ويحدث هذا كثيراً وأنا أصلي وأسمع القارئ في المسجد يقرأ، ويحدث هذا كثيراً وأنا أشتغل وهذا يعمل، كذلك شخص يكون قد استمع يعني هو يشغل القرآن في المواصلات العامة من أجل أن يستمع، والآخرون يسمعون، وهكذا في كل المواقف قد يكون الإنسان سامعاً وقد يكون مستمعاً، فلا بأس بتشغيل القرآن في كل حال، سواء أكنت سامعاً أو كنت مستمعاً، وليس هناك حرج شرعي أن تكون من أحد الفريقين، فإذا كنت مستمعاً فتدبّر وأنصت، وإذا كنت سامعاً فاشتغل بما أنت مشتغل فيه، حتى ولو أن آذانك تلتقط هذا القرآن الكريم.
كتاب قديم فيه كل شيء عن الأدعية والأذكار وعن فضل البسملة مثلاً، والأذكار في ذكر معين أو اسم معين من أسماء الله الحسنى، وعن فضل الآيات والصور، وذلك لأي شيء كتيسير الأمور والرزق والحمل، فهل هذا صحيح ومعروف بين أهل العلم؟!!
الأذكار والقرآن والأدعية على جانبين.. جانب منها هو عبادة، ربنا يقول: {
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}، يقول: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}، يقول سبحانه وتعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، وقال سبحانه وتعالى الشيء الكثير في الذكر وفي الدعاء: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، فأمرنا بالذكر وأمرنا بالدعاء وهذا جانب فيه عبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الدعاء هو العبادة"، ويقول: "الدعاء مخ العبادة"، فإذن فيه معنى التعبّد، هناك أيضاً للذكر والدعاء ولتلاوة القرآن جانب آخر وهو أنه مع هذا الدعاء يعدّ نافعاً فالنبي صلى الله عليه وسلم جاءته الصحابة وقد استعملت في طريقها في رحلة كانوا فيها الفاتحة كرقية لأحد المرضى في قبيلة مرّوا بها.. الفاتحة تتلى تعبّداً، ولكن أيضاً هي لها نفع في الرقية، فلما قرأوا الفاتحة على شخص قد لدغه عقرب، فإذ بهذا السم الذي يسري في الجسد يتوقّف بناء على قراءة الفاتحة والدعاء بها، فهذه فائدة..
إذن هناك جانبان للذكر والدعاء والتلاوة:جانب تعبّدي، وجانب فيه فائدة، ومن هنا أجاز العلماء هذا المعنى، وتكلّم ابن القيم في كتابه "الهدي" عن هذا الشيء كثيراً، وعن الفوائد التي اكتشفها المسلمون من قراءة الآيات والأذكار، فهو أمر مشروع في السنّة، ومعمول به عند السلف الصالح.