الســلام علــــيكم ورحمـة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
**اولا: تعريف الخلوة : هي الحالة التي يشعر فيها العبد أنه لا رقيب عليه إلا الله .. وعلى هذا فيمكن أن نقول : أن العبد في خلوة إذا كان خالياً بنفسه منفردا عن أعين المخلوقين في أي مكان وفي أي زمان .
** ثانيا: تعريف المراقبة : عُرفت المراقبة بتعاريف عدة متقاربة في معناها ، فعرفها ابن المبارك حينما سأله رجل : ما المراقبة؟ قال : كن أبداً كأنك ترى الله عز وجل .
وعرفها الحارث المحاسبي فقال : المراقبة علم القلب بقرب الرب جل في علا .
وعرفها بعضهم بأنها : مراعاة القلب لملاحظة الحق مع كل خطوة وخطرة .
وهذه التعاريف كما رأيت متقاربة ، لخصها ابن القيم بقوله : هي دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه على ظاهره وباطنه .
** ثالثا: أحوال المسلم في الخلوة:
الحالة الأولى : المسلم في الخلوة إما أن تكون حاله كما هي في العلانيه والظهور ، أو تكون في الخلوة أفضل ، وهذان مقامان عاليان ليس محل الكلام عنهما هنا .
الحالة الثانيه: من الناس من يعمل في الخلوة ما لا يليق به كمسلم صالح وإن لم يكن هذا العمل محرماً ، كأن يفعل مكروهاً أو يكثر من مباح يضيع عليه وقته دون فائده ، بينما تجده في العلانيه مبتعداً عن هذا الشئ ، فهذا إنما فعل ذلك لضعف المراقبة عنده .
الحالة الثالثه: هناك من يرتكب المحرمات وينتهك حرمات الله في الخلوة ، وهذا تقريبا هو الذي ينصب عليه الكلام في هذا الموضوع ، ولا شك أن من فعل هذا إنما فعله لضعف المراقبة لله سبحانه وتعالى .
** رابعا: حرص الاسلام على تنشئة المراقبة وتنميتها:
لقد حرص الاسلام على أن تكون مراقبة العبد لله سبحانه وتعالى قوية متمكنه من نفسه ، فلا ينتهك حرمات الله ، ومما يدل على حرص الاسلام على ذلك ما يلي:
(1) الأمر بتقوى الله في الخلوة:ففي الحديث الذي رواه أحمد والترمذي وغيرهما (( اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن )) ومراده في قوله (( اتق الله حيثما كنت )) أي في السر والعلانيه حيث يرونه وحيث لا يرونه ، وعند أحمد عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له(( أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته )) .
(2) التحذير من ارتكاب المحرمات في الخلوة : فعن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال((لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا )) قال ثوبان (( يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا ، ألا نكون منهم ونحن لا نعلم ؟ قال : أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))
(3) ذكر صفات الله المقتضية لتلك المراقبة : يقول الله عز وجل ﴿إن الله كان عليكم رقيبا ﴾ ويقول الله عزوجل ﴿إن الله سميع بصير ﴾ ويقول ﴿إنه هو السميع العليم ﴾ وغيرها من الايات .
(4) التصريح بعلم الله لما يفعله العبد صغيرا كان أم كبيرا في الخلوة أم في العلانيه يقول الله عز وجل ﴿ وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرءان ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ﴾ .
قال الشيخ السعدي ( رحمه الله ) في تفسير هذه الآية : يخبر تعالى عن عموم مشاهدته واطلاعه على جميع احوال العباد في حركاتهم ، وسكناتهم ، وفي ضمن هذا الدعوة لمراقبته على الدوام .
(5) الحث على الحياء من الله ، فمن استحيا من الله لم يبارزه بالمعصيه : جاء افي الحديث (( أوصيك أن تستحي من الله
كما تستحي من الرجل الصالح من قومك )) وعن عبدالله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(( استحيوا من الله حق الحياء ، ومن استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا ومن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ))
وقال القحطاني في نونيته :
واذا خلوت بريبة في ظــلمة ------ والنفس داعية إلى العصيان
فاستح من نظر الإله وقل لها ------ إن الذي خلق الظلام يراني
نسأل الله الإخلاص في السر والعلن ونسأله مراقبته في السر والعلن ويجعلنا ممن اذا خلو اطاعوا ولا يجعلنا ممن اذا خلوا عصوا انه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
منقول للافادة
ونحن محتاجون لهذا الموضوع وخصوصا فى شهر رمضان الكريم
اعاده الله علينا باليمن والخير والبركات.
لا اله الا الله حصنى.
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
[b]