السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
موضوع اليوم
********************
الشفاء بالقرءان وأهداف قراءة القرءان الخمسة
*********************************************
************************
************
لماذا نقرأ القرآن؟
إن القرآن يحيى القلوب كما يحيى الماء الأرض .. قال الله تعالى {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد: 17]، وقد جاءت هذه الآية بعد قول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]
وفي هذا إشارة إلى أن حياة القلوب تكون بذكر الله تعالى وما نزل من الحق، وهو القرآن .. مثل ما أن حياة الأرض الميتة يكون بالماء، قال مالك بن دينار: " ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن ؟ إن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض" [إحياء علوم الدين (1:285)] ..
ومن المشاهدات في هذا الأمر ما نشاهده من زكاة القلوب ورقتها في رمضان حين يتوالى عليها سماع القرآن وقراءته، ويكثر القيام به في لياليه .. ثم إنك ترى هذه الحياة التي حصلت للقلوب في رمضان تبدأ بالتلاشي بالتدريج بعد رمضان حين تنقطع عن القيام بالقرآن الكريم.
فمن أراد حياة قلبه، عليه بسقيه بربيع القلوب القرآن وبكميات وكيفيات مناسبة لإحداث الحياة ..
بنــــا نتابع بقية الأهداف التي نقرأ القرآن من أجلها؛ لتكون في قرائتنا له حياة قلوبنا ..
الهدف الثاني: قراءة القرآن بقصد العمل به
ينبغي لقاريء القرآن أن يقرأه وهو يستحضر نية العمل به، فيقف عند آياته وينظر ماذا تطلب منه: هل أمر يُؤمر به؟ أو شيءٍ يُنهى عنه؟، أو فضيلة يُدعى للتحلي بها؟، أو خطر يحيط به يُحذر منه؟ ...
وهكذا فإن القرآن هو الدليل العملي لتشغيل النفس وصيانتها. ينبغي أن يكون قريبًا من كل مسلم، يربي به نفسه و يهذبها.
عن الحسن البصري قال "أُمِرَ الناس أن يعملوا بالقرآن، فاتخَذوا تلاوته عملا" [مدارج السالكين (1:451)].
وعن أبي عبد الرحمن السلمي: عن عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم: أن رسول الله كان يقرؤهم العشر، فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، "فتعلمنا القرآن والعمل جميعًا" [تفسيرالقرطبي (1:39)، تفسير الطبري (1:6)]
ويقول الآجُرِّي "يتصفح القرآن ليؤدب به نفسه همته: متى أكون من المتقين؟، متى أكون من الخاشعين؟، متى أكون من الصابرين؟، متى أزهد في الدنيا؟، متى أنهى نفسي عن الهوى؟" [أخلاق حملة القرآن : 40]
كيفية تطبيق هدف العمل
أن تقرأ القرآن بنية وقصد من يبحث عن حل لمشكــلة أو إصلاح خـــلل .. يبحث عن تفسير لظاهرة أو علاج لمرض، أو تحليل لحالة من الحالات.
أما إذا كنا نبحث عن علاج مشكلاتنا التربوية في الكتب أو في المجلات والصحف، أو القنوات الفضائية، فإننا بهذا قد عطلنا هذا المقصد المهم من مقاصد القرآن.
إن كل تربية لا تبنى مباشرة على القرآن فهي تربية قاصرة، ولو أثمرت بعض الثمار مؤقتًا استدارجًا وابتلاءً .. إن تربية الناشئة وتربية الشباب لا بد أن تُبنى مباشرة على القرآن بأساليب ووسائل مناسبة.
الهدف الثالث: قراءة القرآن بقصد مناجاة الله
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ" [متفق عليه]، ومعنى أَذِنَ: أي استمع.
وعن عبد الله بن المبارك قال: سألت سفيان الثوري قلت: الرجل إذا قام إلى الصلاة أي شيء ينوي بقراءته وصلاته؟، قال: "ينوي أنه يناجي ربَّه " [تعظيم قدر الصلاة (1:92)].
قال ابن القيم: "إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعـــــه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله " [الفوائد: 1]
كيفية تطبيق مقصد المناجاة
تذكَّر أنه يجتمع لك في المناجاة بالقرآن خمس معان مجموعة في قولك:(حرس مع):
الحاء: أن الله يحبك حين تقرأ القرآن .. الراء: يراك .. السين: يسمعك .. الميم: يمدحك .. العين: يعطيك
فالمسلم عند قراءته للقرآن عليه أن يستحضر هذه المعاني جميعًا؛ لكي يشعر بلذة القراءة حينما يستحضر أن الله يراه ويستمع لقراءته وهو يقرأ ويمدحه ويثني عليه ويباهي به ملائكته المقربين.
إن أحدنا لو ظن أن رئيسه، أو والده أو أميرًا ينظر إلى قراءته ويمدحه لاجتهد في ذلك ..
فكيف والذي يستمع إليه ويثني عليه ملك الملوك الذي له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ؟!
فيستشعر أن الله يخاطبه مباشرة، وأن الله تعالى يسمع قراءته .. فإذا مَرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مر بآية فيها وعيد استعاذ، وإذا مر بسؤال سأل.
إن تربية النفس على هذة المقاصد حين تلاوة القرآن الكريم، يقوي فيها مراقبة الله تعالى فيكون حافظًا لها عند الفتن.
الهدف الرابع: قراءة القرآن بقصد الثواب
ورد في ترتيب الثواب على قراءة القرآن نصوص كثيرة نذكر طرفاً منها للتذكير بهذا الأمر المهم:
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول (آلم) حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" [رواه الترمذي وصححه الألباني]
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله "كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض" [رواه الترمذي وصححه الألباني] .. وقال "من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف" [رواه البيهقي وحسنه الألباني، صحيح الجامع (6289)]
عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله يقول "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة" [رواه مسلم]
وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" [متفق عليه] .. ولا يتصور أبدًا أن مؤمن يقدر على قراءة القرآن ويهجر قراءته، ولكن المقصود في الحديث أنه أمي لا يقدر على القراءة، وهو حريص على قراءة القرآن بدليل وصفه بالإيمان.
وقال أبو هريرة : "البيت الذي يتلى فيه كتاب الله كثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين، والبيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله ضاق بأهله وقل خيره وحضرته الشياطين وخرجت منه الملائكة" [الزهد لابن المبارك (1:273)].
وقد ذخرت كتب السنة بما لذ وطاب من الكلام المستطاب عن ثواب قراءة القرآن والعمل به؛ مما يدل على أهمية هذا الهدف في حياة كل مسلم،،
الهدف الخامس: قراءة القرآن بقصد الاستشفاء به
فالقرآن شفاء للقلوب من أمراض الشهوات والشبهات والوساوس كلها التي تُحدِث القلق والاكتئاب، وشفاء للأبدان من الأسقام .. فمتى استحضر العبد هذا المقصد فإنه يحصل له الشفاءان: الشفاء العلمي المعنوي، والشفاء المادي البدني بإذن الله تعالى.
إن الناس بأمس الحاجة للاستشفاء بالقرآن الكريم .. قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] .. وقال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82].
وعن عائشة أن رسول الله دخل عليها وامرأة تعالجها، أو ترقيها، فقال : "عالجيها بكتاب الله " [صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1931)] .. وعن عبد الله بن مسعود قال "عليكم بالشفاءين العسل والقرآن"
أنواع الشفــــاء بالقرآن
الشفاء بالقرآن أربعة أنواع:
1) شفاء النفس من الشهوات.
2) شفاء القلب من الشبهات.
3) شفاء الصدر من الهم والحزن والقلق.
4) شفاء البدن.
كيف يحصل الشفاء بالقرآن؟
الاستشفاء بالقرآن يكون بأمرين:
الأول : الرقية به .. ولا أظن مسلمًا ينكر أثر النفث بالآيات في الشفاء والعلاج، ولكن ليس من أي أحد، وأيضًا هو ممكن لكل أحد، ممن يأخذ بالأسباب.
الثاني : القيام به آناء الليل وآناء النهار .. وخاصة في جوف الليل الآخر، وهذا يحقق شفاء القلب بسبب ما يحصل من عمق في فهم القرآن وفقه لآياته، وفهم للنفس والحياة، حيث يمتلئ القلب بنور الله تعالى وآياته فيتسع وينشرح فلا يبقى فيه مكان للشهوات أو الشبهات أو الوساوس المزعجة المقلقة.
وينبغي علينا أن نتعامل مع القرآن مباشرة .. فهو ميسر لكل من صدق في التعامل معه وجدَّ في القيام به، أما أن نجعل بيننا وبين القرآن وسطاء ونهمل التعامل المباشر معه فهذا غاية الحرمان.
تجد البعض حينما يصاب بمصيبة أو ينزل به مرض يجوب الآفاق ويطوف البلاد بين القراء والمعالجين، وما علم أن الأمر أقرب من ذلك وأيسر .. فالله سبحانه وتعالى حينما يبتلينا بالشدائد والمصائب يريد منا أن نتضرع وأن نستكين ونتذلل بين يديه سبحانه وتعالى كما قال عزَّ وجلَّ {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [الأنعام:42] .. والقيام الطويل بالقرآن هو من أهم صور التذلل لله تعالى والتضرع بين يديه ..
فالقيام بالقرآن من أقوى أسباب العافية والشفاء،،
http://www.manhag.net/main/index.php?option=com_content&view=article&id=3612:2010-08-11-09-53-56&catid=146:2010-08-11-08-15-13&Itemid=310وشكرا لكم
لااله الا الله
محمد رسول الله