سم الله الرحمن **** ، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من تاب تاب الله عليه، والتوبة تجُبّ ما قبلها، كالإسلام يجُبّ ما قبله، والحمد لله رب العالمين. وهذه الصلوات الخمس في ذمتك، ويجب عليك أن تقضيها، وقضاؤك يكون بأن تصلي -ولمدة خمس سنوات قادمة- مع كل صلاة من الفروض الخمسة صلاة؛ فتصلي الفجر وتصلي معه فجراً قضاء، تصلي الظُّهر وتصلي معه أيضاً ظُهراً قضاء، والعصر كذلك، والمغرب والعشاء.. وهذه الصلوات الفريضة هي أفضل وأعلى ثواباً من صلاة السنة؛ ولذلك إذا كنت تُصلّي السنّة؛ لا تصليها؛ بل استبدل بها الفروض الواجبة التي في ذمتك، والتي هي ديْن عليك لله رب العالمين، وديْن الله أحقّ أن يُقضى؛ ولذلك -وكما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- لا بد عليك من سداد هذا الديْن، وسدادُ ذلك الديْن يتمثل في قضائها مع كل صلاة صلاة.
تخيّل لو أنك صليت ركعتي السنة قبل الفجر، وتخيل لو أنك نويت فقط بقلبك أن تجعل هذا مما عليك وهو فريضة؛ في الحالة الأولى عند صلاة السنة يعطيك الله سبحانه وتعالى عشرة من الثواب؛ ولكن في الحالة الثانية يعطيك مائة أو ألفاً أو سبعة آلاف؛ فمن الذي -ولمجرد النية "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"- يريد أن يأخذ ثواباً أقل (عشرة)، ويترك مائة، وألف، وسبعة آلاف؛ فالحكمة في التعامل مع الله سبحانه وتعالى تتمثل في أن تؤدي الفرض الذي عليك، ولا تصلي السنة إلا بعد خمس سنوات.. الظهر كذلك، والعصر، والمغرب، والعشاء.
وهذا هو الذي عليه الأئمة الأربعة، وقالوا: إنه لا كفارة مالية في ترك الصلاة؛ فكفارتها قضاؤها؛ فليس هناك أي كفارة مالية تستطيع أن تتقدم بها؛ ولكن لمّا تركتَ الصلاة كنت قد ارتكبت إثماً، والنبي صلى الله عليه وسلم -ليس على سبيل الكفارة وإنما على سبيل النصيحة- قال: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"؛ فكثرة الصدقة تغفر ذنوبك؛ سواء كانت هذه الذنوب تتمثل في ترك الصلاة أو تتمثل في أي ذنوب يقع فيها الإنسان بطبيعته البشرية، كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون؛ ولذلك فيجب عليك -مع القضاء- أن تلتفت إلى الصدقات، وأعمال الخير، والنصيحة لوجه الله تعالى؛ فالدين النصيحة، وأن تتواءم مع هذه الحالة؛ حتى يغفر الله سبحانه وتعالى لك ما تقدّم من ذنبك، ويغفر أيضاً إن شاء الله ما تأخر منه.