ل عام والجميع بألف خير بمناسبة المولد النبوي الشريف.. فكّرنا كثيراً في كيفية تواجدنا معكم بباب التنمية في هذه المناسبة العطرة، التي تصاحبها مناسبة لا يجب أن تمرّ مرور الكرام على بابنا، وهي الثورة الشبابية التي أحدثت تغييراً إيجابياً تاريخياً، ووجدنا أن أفضل ما يمكن أن نذكره الآن، هو كيفية الاستفادة من سيرة نبينا الحبيب محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام، بشكل ينمّي من شخصياتنا ووطننا، ويفيدنا في هذه المرحلة التي نُقبل عليها.
إتقان العمل لحياة كريمة
نسمع الآن في جميع القنوات -الفضائية منها والأرضية- دعوات لرموز سياسية واقتصادية ودينية واجتماعية، تنادي الشباب بالعمل للحفاظ على النصر الذي تَحَقّق؛ ولكنهم لم يحددوا أبداً نوع العمل الذي يجب أن يقوم به الشباب، وفي هذه النقطة أحب أن أقول: إنه مهما كان نوع العمل الذي سنقوم به؛ فالأهم منه هو إتقانه؛ لأن أي عمل دون إتقان سيكون مثل عدمه.
ودعونا نتذكر ما قاله رسولنا الكريم في هذا الشأن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه"، رواه الطبراني في الأوسط.
فإذا كنت لا تعمل حالياً ولا تزال في مرحلة الدراسة؛ فعملك الآن لتفيد نفسك وبلدك حقاً، هو أن تدرس جيداً، وتُتقن هذه المذاكرة، وتحاول أن تتمتع بالتفكير الخلاق الذي يمكن أن يساعد في تنمية هذا البلد فعلاً، أما إذا كنت مهندساً أو طبيباً أو محاسباً أو مدرّساً أو تعمل بأي وظيفة؛ فحاول أن تعمل حقاً وتَتفنّن في إتقان عملك وتنظر للمستقبل، الذي سيعود عليك وعلى أبنائك وأهلك وجميع المواطنين بالنفع من هذا العمل.
فإذا قام كل مِنّا بإتقان عمله، سيجد كل مصري -كان يشكو قبلاً من إهدار لقيمته وكرامته- أن لحياته أصبح لها معنى، وأن كرامته أصبحت ثمينة بدرجة تفوق الوصف؛ فالمريض سيجد المستشفيات الحكومية تعمل بكامل طاقتها، ويحاول الأطباء علاجه فعلاً؛ لأنهم يُتقنون عملهم، وبالطبع سيجد هذا الطبيب رداً لما قام به من إتقان في جميع من حوله؛ فقد يجد هذا عندما يعلم أن المدرس في مدرسة ابنه يشرح الدرس بضمير وإتقان، دون أن ينظر لأي دروس خصوصية، أو عندما يجد أن السباك الذي يستدعيه لإصلاح صنبور الماء يُتقن عمله ويُصلحه من أول مرة، دون أن يضطر لاستدعائه أكثر من مرة؛ لأن الصنبور سرعان ما يتلف، وهكذا.
فعندما يُتقن كل فرد في هذا المجتمع عمله سنلاحظ كلنا آثار هذا الإتقان على حياتنا ومعيشتنا.
التراحم سيُشعرك بأنك إنسان حقاً
هل نزلت لميدان التحرير أيام الثورة؟ هل رأيت كيف كان ميدان التحرير؟ ولاحظت كيف استطاع هؤلاء الأفراد المختلفون في كل شيء والمتفقين على حب البلد، الاستمرار في الميدان لمدة 18 يوم متواصلة؟! هل تعلم كيف أمكن لفئات الشعب جميعها إنجاح مثل هذه الثورة التاريخية؟!
الإجابة على كل تلك الأسئلة تتمثل في كلمة التراحم؛ فكل من شاهد ميدان التحرير وقت الثورة لم يطلق عليه إلا "البيت الكبير"، الكل مهتم بالكل، والكل يحب الكل، والجميع يحمي ويخاف على بعضه، عندما تدخل لميدان التحرير لن تشعر إلا بالحب والرحمة والتعاطف والخير وحب الوطن.
ونحب أن نذكر في هذا الشأن ما قاله لنا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: "مَثَل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم، كمثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسّهر والحمّى".
فها هو الإسلام، وها هو الرسول؛ ينبّهان لمثل هذا الأمر منذ قديم الأزل؛ لكننا لم نكن منتبهين للأسف؛ فانتظرنا لسنوات وسنوات حتى وجدنا الفرصة التي تسمح لنا بالتراحم وحب بعضنا البعض؛ فهذه هي قواتنا، ومنها جاء النصر، وبإذن الله يأتي منه الثبات على النصر والنجاح في المستقبل.
عزيزي.. عزيزتي.. هيا بنا لنبني مصر، بلدنا الحبيب، هيا بنا لنعمل بجهد وإتقان كل منا في تخصصه، لنتراحم، لنحب بعضنا ونحافظ على مصالحنا؛ فلن يأتي أي شخص ليفعل لنا هذا، كما لم يأتِ لنا أحد لينصرنا في ثورتنا؛ فنحن مَن انتصرنا، وكنا رواد هذه الثورة بفضل الله ودعمه بالطبع؛ فهيا بنا لنُكمل ما بدأناه.