تعريف الحكمة: هي "القدرة على الحكم على الأمور، والتمييز بين الحق والصواب والثوابت التي لا خلاف عليها؛ الحكمة هي البصيرة".
سأتحداكن اليوم أن تتمكنّ من عيْش حياتكنّ بحكمة؛ فكثير منا يعيش حياته بشكل مبهم أعمى؛ فلا يتساءل أبداً عن معنى الحياة، ولا يفتش أعمق من السطح عن الهدف منها.
وكما هو مكتوب في الصورة أعلاه، "المرحلة الأشد صعوبة من الحياة ليست عندما لا يفهمك الناس؛ ولكن حين لا تفهم أنت نفسك"! وحتى تتمكني من معرفة نفسك؛ سيتطلب ذلك منكِ أن تعيشي حياتك بوعي وذكاء، وإذا حققتِ ذلك؛ فسيقودكِ إلى الحكمة، والفاعلية في المجتمع.
والحكمة هي واحدة من الفضائل الأربع التي يبرزها الإمام الغزالي، عندما يذكر أنه لكي ننعم في حياتنا بالفضيلة، ونحظى بالشخصية المؤثرة، سنحتاج إلى الحكمة.
وأعتقد أن عملية البحث عن الحكمة هي أكثر أهمية للمرأة بصفة خاصة؛ فباعتبارك امرأة، فأنت تلعبين أدواراً مهمة، ومؤثرة فيمن حولك أكثر مما تتخيلين؛ فأنت أخت وابنة، وأحياناً أنتِ أُمّ أيضاً. وإذا اخترتِ أن تسيري في طريق الجهل والخمول؛ فاعلمي أنك تشجّعين مَن هم في محيط تأثيرك ليحذوا حذوكِ، ويسيروا في نفس طريقك؛ لذا لا تستغربي أن بإمكانك تغيير عالمكِ المحيط بكِ إلى الأفضل، إذا غيّرتِ نفسك في البداية.
خطوات لتعرفي بها نفسك:
يمكنك أن تعيشي حياة مؤثرة وفعالة ذات هدف، وكما رأينا في تعريف الحكمة أول المقال؛ أنها القدرة على الحكم على الأمور، وتبين الحق والصواب والثوابت، وهذه القدرة لن تأتي من تلقاء نفسها دون بذل أي جهد؛ فهي تحتاج إلى تدريب وتقوية؛ مثلها مثل أي شيء في حياتك تريدين أن تقوّيه؛ فلا بد أن تقومي بتمرينه؛ فعلى سبيل المثال إذا كنتِ تريدين تقوية عضلاتك؛ فستمارسين التمرينات الرياضية، وإن كنت تريدين تقوية إيمانك؛ فستزيدين من صلاتك وذكرك، وإذا أردتِ تقوية عقلك؛ فسيتحتم عليك تدريب وتنمية ذكائك وانتباهك.
مثل هذه الأشياء لا تحدث بين عشية وضحاها؛ وإنما تحدث نتاج تراكم العادات والممارسات الحياتية التي تقومين بتطويرها وتعزيزها مع مرور الوقت.
سأعرّفكِ هنا بالخطوات الأولية التي تدلّك على الطريق لكي تصبحي امرأة حكيمة:
1- مرّني وعيك
• أن تكوني واعية، أمر يتطلب منك أن تصبحي منتبهة ومدركة لما يجري حولك في كل لحظة من حياتك اليومية، وأن تلتفتي حتى إلى أبسط تفاصيلها؛ فمثلاً قومي بالتنفس، ولاحظي ما يطرأ على جسمك من تغييرات وحركة أثناء هذه العملية البسيطة.
• وهو أمر يتطلب منك أيضاً البدء في تكوين وعيك تجاه اللحظة الحالية، وإدراك أنها هدية ونعمة غالية تستحقّ تقديرها وصونها.
• أدركي ما حولك بكل حواسك المادية من اللمس، والتذوّق، والشمّ، والبصر، والسمع.
• عيشي اللحظة الحالية، وعيشي الحاضر الذي تملكينه الآن بكامل الوعي والانتباه، ولا تسمحي لأي لحظة بأن تضيع منك وأنت غافلة عنها وعما يدور فيها.
فعندما تكونين بهذا الوعي الذي وصفناه تصبحين أكثر إدراكاً لكل من ذاتك المادية والروحية على حد سواء، وأكثر وعياً بإمكاناتك التي تعرفينها وتلك المُحتملة التي لا تزال دفينة داخلك دون توظيف، وعندما تحققين ذلك؛ فستقفين على أساس قوي، تمضين فوقه نحو مستقبل واضح ذي تأثير.
2- مرّني ذكاءك
• التعلُم أمر لا يقتصر على قاعات الدراسة لينتهي مباشرة بعد التخرج، التعلم مهمة دائمة مستمرة باستمرار الحياة.
• أنتِ تعيشين حالياً في عصر المعلومات بكل معنى الكلمة، وهو شيء لم يتوفر لأحد من قبل على مرّ العصور، إن لديكِ بالفعل عالماً كاملاً من المعلومات رهن إشارتك؛ فماذا تنتظرين؟
• استغلّي هذا العصر الذي تعيشين فيه؛ لتتمكني من اتخاذ قرارات حياتك بطريقة مستنيرة وواعية.
• لا تأخذي كلام أحد باعتباره حقيقة ثابتة مسلّماً بها؛ ولكن فتّشي عن الحقيقة وعما يُقنعك بتصدقيه والتسليم به.
• فكّري بمنطقية في كل الخيارات التي تملكينها، ثم اختاري منها بذكاء.
• اعلمي أنكِ تعيشين في بلد نصف النساء فيه أميّات، لا يعرفن القراءة ولا الكتابة، وإذا تمكّنتِ أنت من القراءة والفهم، وتطبيق ما تعلمتِه؛ فهي نعمة كبيرة، يجب أن تحمدي الله عليها.
• إن لهذه النعمة عليكِ حقاً، وهو الالتزام تجاه نفسك وتجاه النساء الأخريات في مجتمعك؛ لتكُنّ أقوى وأكثر فاعلية بالذكاء والتفكير المنطقي.
• أخيراً أذكّركِ بما قيل من أن "المعلومات مصدر قوة"، وقد توافرتْ لديكِ أسباب الوصول إليها؛ فاستخدميها إذن.
3- عيشي حياتك بفاعلية
• لقد وهبك الله قدراً من الرزق وكتبه لكِ منذ لحظة ميلادك، ومن واجبك الآن أن تسعي لاستغلال هذا الرزق وتوظيفه؛ حتى تصبحي في أفضل حال.
• دعي نفسكِ تتفتح بأقصى ما فيها من خير وحب وتفاؤل؛ فهذا من شأنه أن يصل بك سريعاً إلى ما قُسم لكِ من الرزق.
• الرزق الذي أُحدّثكِ عنه لا يعني المال فقط؛ وإنما هو محيط بك في كل جوانب حياتك؛ فالحب رزق، والعمل رزق، والمال رزق، والصحة رزق، وكذلك الأبناء رزق، وأنتِ لا تعلمين ما هو حد الأرزاق الذي كتبه الله لكِ، وما دام ما تطمحين إليه في يد الله تعالى؛ فلا تضعي سماءً لطموحاتك؛ بل أطلقي لها العنان.
• ضعي في حسبانك دائماً أنك لا تخدمين نفسك أو عائلتك أو مجتمعك أبداً، عندما تتضاءلين ويتضاءل دورك في الحياة حتى يختفي، أو عندما تنسين أحلامك وتتجاهلين رغباتك وطموحاتك.
• قد منحك الله كل الأدوات التي تحتاجينها لتكوني قوية، وناجحة، وتنعمي بالصحة الجسدية والنفسية والعاطفية؛ لذلك تدرّبي على استخدام هذه الأدوات والامتيازات؛ لتعيشي حياة فعّالة وسعيدة وصحية.
والآن وقد أصبحتِ امرأة حكيمة، ابحثي في نفسك عما هو حقيقي، وما هو صائب، وما هو راسخ ومتين، وعيشي كل يوم كما لو أنه ليس هناك غدٌ قادم، وكما لو كان يومك الذي تعيشينه الآن هو آخر أيام الأرض.